تنزيل كامل الفصل
 
نصوص بيئية نموذجية
ماذا يتوجب على العرب مناخيـاً؟
 
مصطفى كمال طلبه /

التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية للعام 2009 يدور حول القضية التي تشغل بال العالم أجمع ـ تغير المناخ ـ والمفاوضات الدولية من أجل التوصل الى إتفاق جاد بين دول العالم للحد من تدهور الأوضاع نتيجة المزيد من الارتفاع غير المنضبط في معدل درجة حرارة العالم وآثاره المدمرة على كل جزء من أجزاء العالم.

حقاً ان هناك دولاً، مثل بلدي مصر وبنغلاديش وبعض الدول الجُزُرية، سوف تشهد أضراراً أضخم بكثير من غيرها، نظراً لانخفاض مستويات أراضيها عن سطح البحر. إلا أن ذلك لا يغير الحقيقة أن كل دولة في العالم سوف تعاني جزءاً من الآثار السلبية للاحترار العالمي.
اتضحت لنا أثناء إعداد التقرير الحقائق الآتية:

أولاً، لدينا عجز شديد في البيانات والأرقام والمعلومات اضطررنا معه الى الاستناد إلى بيانات بعض المنظمات الدولية في إعداد فصول من التقرير. هذا النقص مصدره نقص محطات الرصد وضعف قواعد المعلومات.

ثانياً، لدينا نقص واضح في فرق العلماء المؤهلين في التخصصات المختلفة للتعامل مع قضية تغير المناخ، وبصفة خاصة في مجالات الرصد وإعداد النماذج الرياضية ودراسات الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لتغير المناخ.

ثالثاً، ليس لدينا أسلوب محدد لتبادل المعلومات بين كل دولة عربية والدول التي يهمها التعاون معها، مثل دول حوض النيل وحوض نهر الفرات وحوض نهر الأردن ودول البحر المتوسط وغيرها كثير.

رابعاً، واضح تماماً أننا لا نملك تنظيمات واضحة للتعامل مع قضية تغير المناخ، وبالتالي ليس لدينا سياسات عربية محددة للتعامل مع ما يهددنا من آثار مدمرة بسببه. وبدهي أننا لذلك ليس لدينا تخطيط طويل المدى للتعامل مع هذه القضية.

ما الذي يتوجب عمله لمواجهة هذا الخطر الداهم؟
على المستوى المحلي، يجب إنشاء تنظيم قوي في كل دولة (مجلس أعلى أو لجنة وزارية) يرأسه رئيس الدولة أو رئيس الوزراء لإقرار السياسات والخطط والبرامج ومتابعة التنفيذ وتعديل المسار. كما يجب إنشاء لجنة فنية في كل دولة تساند التنظيم الحكومي، لجمع كل ما يجري في الدولة من بحوث ودراسات حول هذا الموضوع وما كتب عنها في الخارج ووضع كل ذلك في قاعدة بيانات تحدثّ باستمرار. واستناداً الى تحليل تلك البيانات تضع اللجنة الفنية تصوراً كاملاً لسياسة الدولة للتعامل مع قضية تغير المناخ، تقرها السلطة التنفيذية وتحولها بالتعاون مع اللجنة الفنية إلى مجموعة خطط متتالية لفترة لا تقل عن 25 عاماً.

وعلى المستوى الاقليمي، لا بد من تفعيل ما اتفق عليه وزراء البيئة العرب في هذا الشأن، ومناقشة مقترحاتهم مع زملائهم في مجالس الوزراء العرب المعنية: الزراعة، الموارد المائية، الصحة، السياحة، وغيرها، لأن جهد وزارات ومجالس البيئة وحدها لا يكفي. كما يجب تبادل المعلومات والبيانات والخبرات بدلاً من تكرار الجهود، والمتابعة الجادة من قبل مجلس وزراء البيئة العرب لما يجري في كل دولة من صعوبات تواجه التنفيذ ووسائل حل المشكلات وامكانات التعاون في حلها.

أما على المستوى الدولي، فأملي كبير أن تقوم الدول العربية بدور ريادي بين الدول النامية للحوار مع الدول الصناعية على أسس من المنطق والعلم، وليس التشبث ببعض الشعارات مثل نقل التكنولوجيا وزيادة مساهمة الدول الصناعية في تنمية الدول النامية إلى 0.7 في المئة من دخلها القومي.

أخيراً قضية أن الدول الصناعية هي السبب في المشكلة وعليها أن تتحمل تكاليف الإصلاح. هذا صحيح قطعاً. لكنهم يقولون هذا عن الماضي، ونحن نعترف، ولكن ماذا عن الحاضر والمستقبل؟ ماذا عن دولة نامية كالصين تجاوز إجمالي ما تنتجه من غازات الاحتباس الحراري إجمالي ما تنتجه الولايات المتحدة الاميركية؟ وفي السنوات القليلة المقبلة سوف تزيد انبعاثات الدول النامية من هذه الغازات على إجمالي ما يصدر عن كل الدول الصناعية.

هل يمكن أن نطالب مثلاً بفترة سماح للدول النامية في تطبيق أي اتفاقية جديدة، ثم نلتزم بالتنفيذ؟
هل يمكن أن نطالب بوضع حد أقصى لاستخدام الفرد من الطاقة (المصدر الرئيسي لغازات الدفيئة)؟ فليس هناك مبرر أن يستهلك الفرد في الولايات المتحدة وكندا أكثر من 11 ألف كيلوواط في الساعة سنوياً بينما يستهلك زميله في الدول النامية الفقيرة مئة أو مئتي كيلوواط.

أدعو الى مناقشة موضوعية وحقائق علمية وعرض أفكار قابلة للتنفيذ، وليس مجرد اتخاذ مواقف متضادة. في كل قضية بيئية لا بد من الحوار البناء، لا بد من التعاون الدولي، ولا حل بديل.

 
 
 
العودة
نشاطات مدرسية
إختبر معلوماتك
مسرحيات
و أغاني
افلام
وثائقية
بوستر
للطباعة
إختبارات بيئية
         
  © Albiaa 2012 By Activeweb ME