تواجه المنطقة العربية العديد من التحديات البيئية، بما في ذلك نقص المياه، والجفاف والتصحر، والموارد الطبيعية المحدودة والمتناقصة، وخسارة التنوع البيولوجي وآثار استخراج النفط والغاز، وأنواع مختلفة من التلوث، بالإضافة إلى تغيُّر المناخ. وتعتبر التربية أداة رئيسية في معالجة هذه القضايا البيئية، من خلال تعزيز المعرفة بالبيئة والتنمية المستدامة، التي يمكن أن تقود إلى أفعال. صحيح أنه من الضروري التصدّي للتحديات البيئية في الإطار العام للتنمية المستدامة، لكن يجب الحفاظ في الوقت نفسه على المكوّنات الخاصة للتربية البيئية. ومن المفيد أن نتذكّر أن هدف رعاية البيئة وإدارة الموارد كان الدافع الرئيسي لنشوء مفهوم التنمية المستدامة. وهذا ما ركز عليه تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) حول التربية البيئية الذي صدر عام 2019.
جاءت الفكرة الأولية للتربية البيئية في القرن الثامن عشر، عندما كتب فلاسفة ومعلّمون أمثال جان جاك روسو ولويس أغاسيز عن الطبيعة وأهمية التعلُّم عن الطبيعة والبيئة. ولكن لم يتم استخدام مصطلح «التربية البيئية» لأول مرة علناً حتى عام 1948. وابتداءً من ستينات القرن الماضي وحتى عام 1989، اكتسب مفهوم التربية البيئية رواجاً من خلال المبادرات والمؤتمرات التي أطلقتها الأمم المتحدة، والاستجابات الوطنية للمسارات المقترحة. والحدث الكبير الأول في هذا الإطار كان المؤتمر الدولي للأمم المتحدة بشأن «البيئة البشرية» عام 1972، الذي أسفر عن «إعلان استوكهولم» وشهد ولادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وفي جدول أعمال القرن 21، الذي انبثق عن «قمة الأرض» في ريو دي جانيرو عام 1992، تم اقتراح خريطة طريق للمساعدة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال التربية، بالتزامن مع بداية النظر إلى البيئة على أنها جزء من التنمية المستدامة. واليوم، يُنظر إلى التربية كعامل مساعد رئيسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعنصر أساسي في التعليم الجيد. وبحسب اليونسكو، فإن الغرض من مبادرة «التربية من أجل التنمية المستدامة» على المدى الطويل هو التحوُّل النهائي للأنظمة التربوية بطريقة تعيد توجيه المجتمعات نحو تحقيق التنمية المتوازنة. وتماشياً مع هذا الهدف، أعلنت الأمم المتحدة عن «عقد التربية من أجل التنمية المستدامة» بين عامي 2005 و2014. وبحلول نهاية العقد، برز بوضوح قبول أكبر وفهم أعمق لهذا المفهوم، وأصبح دمج التنمية المستدامة في جميع جوانب التربية هو الهدف الجديد، بدلاً من التعامل معها كموضوع مستقل