عامل الانسان الطبيعة منذ أقدم العصور كأنها معين لا ينضب للموارد. وكانت الأنشطة البشرية تقيَّم بمعطيات مالية خالصة، من دون التقييم الاقتصادي للمنافع غير النقدية، ومن دون مراعاة الاعتبارات البيئية والاجتماعية. ومن الفرضيات السائدة أن من الممكن تعويض رأس المال الطبيعي ورأس المال البشري المنشأ، وأن قدرة الطبيعة على إمداد الناس بدعائم حياتهم قدرة مطلقة، وأن في الطبيعة إمكانات لا حد لها لاستيعاب النفايات التي تولدها الأنشطة الاقتصادية. لكن التجربة أثبتت عدم صحة ذلك، والدليل ما نشهده من تردي الأوضاع البيئية في أصقاع الأرض كافة.
يشكل الاقتصاد الأخضر مثالاً مختلفاً للنظر إلى التفاعل بين الأنشطة البشرية والظروف الاجتماعية والبيئة. وعلى عكس الاتجاه السائد في التخطيط الاقتصادي الذي ينظر إلى البيئة بمعزل عن أي شيء آخر، فإن الاقتصاد الأخضر يوفّق بين سياسات الاقتصاد الكلي للدولة والأهداف البيئية والاجتماعية لهذه السياسات. إنه نهج مبني على دمج النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والمساواة الاجتماعية بشكل متكامل. ويعطي الاقتصاد الأخضر قيمة لرأس المال الطبيعي، مما يسمح بتنفيذ الأنشطة البشرية وتحقيق التنمية الاقتصادية من دون تخطي الحدود الإيكولوجية للأنظمة البيئية أو التأثير سلباً على الأوضاع الاجتماعية.
ويدعو الهدف الثامن من الأهداف العالمية للتنمية المستدامة لسنة 2030 إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل للجميع والمستدام، مع تحسين كفاءة استخدام الموارد في الاستهلاك والإنتاج. (راجع أهداف التنمية المستدامة في الفصل 11).