تنزيل كامل الفصل
 
نصوص بيئية نموذجية
ما هو الضباب الدخاني؟
 
عصام الحناوي /


في العصور القديمة استخدم الانسان الخشب كوقود، الى ان حل الفحم محله بدرجات متزايدة مع النمو العمراني وبداية الثورة الصناعية. في ذلك الوقت تركزت الشكاوى حول تلوُّن واجهات المباني باللون الرمادي نتيجة الدخان المنبعث من حرق الفحم، مما أدى الى اعادة طلائها بصورة دورية كل بضع سنوات. ولكن سرعان ما بدأت الشكاوى من الآثار الصحية للدخان، خاصة عندما يتراكم مع الضباب في سكون الهواء أيام الشتاء، وهو ما أطلق عليه في بريطانيا كلمة Smog، التي هي دمج لكلمتي Smoke + Fog. والترجمة العربية لهذه الكلمة هي « الضباب الدخاني»، ويستخدم البعض كلمة « الضبخان» التي هي دمج لكلمتي ضباب + دخان، ولكنها تعبير غير دارج الاستعمال.

ولقد حدثت نوبات كثيرة من الضباب الدخاني في اوروبا والولايات المتحدة الأميركية، سجل بعضها منذ القرن الثامن عشر، ولكن أكثرها سوءاً كان تلك النوبة الحادة التي حدثت في لندن عام 1952. ففي ليلة 4 كانون الأول (ديسمبر) 1952 كان الضباب كثيفاً والطقس شديد البرودة، وفي اليوم التالي ازداد الوضع سوءاً مع حدوث انعكاس حراري فوق لندن تسبب في حبس الدخان المتصاعد من حرق الفحم مع الضباب قرب سطح الأرض، مما أدى الى انعدام الرؤية تقريباً، وحل ظلام غطى المدينة في وضح النهار. ومع البرودة الشديدة ازدادت حاجة الناس الى التدفئة وازداد حرق الفحم. فارتفعت تركيزات الملوثات في الهواء وتراكمت في طبقات الجو المستقرة حتى وصلت الى درجة الخطر. فبلغ تركيز الدخان نحو 4460 ميكروغرام في المتر المكعب، وثاني أوكسيد الكبريت 3750 ميكروغرام، وأول أوكسيد الكربون 180 ألف ميكروغرام، وحمض الكبريتيك الناتج من ذوبان أكاسيد الكبريت في رذاذ مياه الضباب نحو 4500 ميكروغرام في المتر المكعب. ومع هذا التلوث الشديد بدأت المستشفيات تمتلئ بالمرضى وبدأ الآلاف يتساقطون. ومع انقشاع الضباب في اليوم العاشر لهذه الكارثة كانت الحصيلة المعلنة في ذلك الوقت نحو 4000 حالة وفاة. ومؤخراً، بعد مرور أكثر من نصف قرن على هذه الكارثة، أوضحت دراسة أميركية أن العدد الحقيقي للوفيات كان 12,000 حالة.
يستخدم تعبير الضباب الدخاني حالياً لوصف جميع حالات تلوث الهواء الشديد، بغض النظر عن نوع الملوثات أو مصادرها أو عمليات تكوينها. فبجانب الضباب الدخاني من نوع لندن، هناك ضباب دخاني يعرف بنوع لوس أنجلس. والأخير يتكون بطريقة مختلفة تماماً عن نوع ضباب لندن. فمدينة لوس أنجلس تقع في منخفض بين الجبال في منطقة شبه جافة تسطع فيها الشمس معظم ايام السنة. وكثيراً ما يحدث في منطقة لوس أنجلوس انعكاس حراري يحد من انتشار الملوثات الى طبقات الجو العليا. والمصدر الرئيسي لهذه الملوثات هو عادم السيارات الذي يحتوي على الهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين وأول أوكسيد الكربون. وتحت الظروف الجوية في المدينة تتفاعل الهيدروكربونات مع أكاسيد النيتروجين في وجود ضوء الشمس والحرارة لتكوِّن ما يعرف بالضباب الدخاني الضوئي (Photochemical Smog). وتحدث نوبات الضباب الدخاني من نوع لوس أنجلس في كثير من المدن الأميركية خلال فصل الصيف. ففي صيف 1997 كان التلوث بهذا الضباب الدخاني مسؤولاً عن حدوث 6 ملايين حالة ربو و159 ألف زيارة للطوارئ بالمستشفيات و53 الف حالة نزول بالمستشفيات لفترات مختلفة للعلاج من امراض مرتبطة بالضباب الدخاني.

تجدر الاشارة هنا الى أن كلمة « سحابة» استخدمت أحياناً بدلاً من كلمة « ضباب». فمثلاً استخدم تعبير « السحابة الآسيوية البنية اللون» لوصف ضباب يميل الى اللون البني يتكون خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) الى آذار (مارس) على جنوب آسيا والمحيط الهندي وبحر العرب وخليج البنغال، نتيجة حرق المخلفات الزراعية والأشجار والوقود الأحفوري في دول المنطقة. كذلك استخدم تعبير « السحابة السوداء» لوصف حالة تلوث الهواء الشديد التي تحدث فوق مدينة القاهرة في الخريف منذ عام 1999 نتيجة وجود حالة انعكاس حراري في ذلك الوقت، تحبس معها الملوثات المنبعثة من المركبات والصناعة (وحرق قش الرز كما يدعي البعض) قرب سطح الأرض. ومن الناحية العلمية لا يجوز استخدام كلمة « سحابة» محل « ضباب» لأن هذا يؤدي الى خلط معيب في المفهوم، فالسحابة والضباب شيئان مختلفان تماماً.


 
 
 
العودة
نشاطات مدرسية
إختبر معلوماتك
مسرحيات
و أغاني
افلام
وثائقية
بوستر
للطباعة
إختبارات بيئية
         
  © Albiaa 2012 By Activeweb ME