تنزيل كامل الفصل
 
نصوص بيئية نموذجية
دور المنظمات غير الحكومية في حماية البيئة
 
عصام الحناوي /


تعرف المنظمات غير الحكومية، التي تطلق عليها أحياناً تسمية «المنظمات أو الجمعيات الأهلية»، بأنها منظمات أو جمعيات تطوعية لا تهدف الى تحقيق ربح، يتجاوب المواطنون من خلالها مع قضايا محددة، ويعملون من أجلها، سواء بصفتهم أفراداً أو جماعات. ويرجع تكوين المنظمات الأهلية الأولى الى ما قبل القرن العشرين. في ذلك الوقت كان معظم أعضاء هذه الجمعيات من الأغنياء والنبلاء الذين ينظمون الرحلات الاستكشافية، أو يعملون على حماية أنواع من الحياة البرية، أو مناطق طبيعية متميزة، أو غير ذلك. ومع بزوغ الحركة البيئية الحديثة في منتصف الستينات من القرن الماضي، تكونت مئات من المنظمات غير الحكومية، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، واختلفت اهتماماتها حول القضايا البيئية، فمنها ما كان يهتم بالحياة البرية، ومنها ما كان يهتم بالبيئة البحرية، الى ما هنالك. ولقد لعبت هذه المنظمات دوراً هاماً في الضغط على الحكومات المختلفة لعقد مؤتمر الأمم المتحدة لبيئة الانسان في استوكهولم عام 1972، وفي نشر الوعي والعمل البيئي بعد ذلك.

ويمكن تقسيم المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال البيئة الى ثلاثة أنواع: الأول، منظمات نشأت على المستوى الوطني، وتحولت بعد ذلك الى العمل على المستوى العالمي، مثل الصندوق العالمي لحماية الطبيعة، ومنظمة السلام الأخضر (غرينبيس)، وأصدقاء الأرض. والنوع الثاني، منظمات تعمل على المستوى الاقليمي. والثالث، وهو النوع الغالب، منظمات تعمل على المستوى الوطني (والمحلي أيضاً).

ومنذ 1972 حدثت زيادة كبيرة في عدد، وعضوية، المنظمات غير الحكومية العاملة في مجالات البيئة في معظم دول العالم. فمثلاً، ارتفع عدد أعضاء هذه المنظمات في الولايات المتحدة من أقل من ثلاثة ملايين في 1971 الى أكثر من عشرة ملايين مع مطلع القرن الحالي، وفي المملكة المتحدة ارتفع العدد من أقل من نصف مليون الى أكثر من أربعة ملايين خلال الفترة نفسها. كذلك ازداد عدد المنظمات غير الحكومية في الدول النامية. ففي الهند، مثلاً، هناك أكثر من 12000 منظمة، وعشرات الآلاف من المجموعات المحلية الصغيرة التابعة لها. وفي بنغلادش هناك نحو عشرة آلاف منظمة. ولكن يجب توخي الحذر في التعامل مع هذه الأرقام ومقارنتها، لأن هناك اختلافات كبيرة في تعريف المنظمات الأهلية العاملة في مجالات البيئة بين الدول النامية، مما ينتج عنه أحياناً تضارب في الاحصاءات.

ومن التطورات الهامة خلال العقود القليلة الماضية الاعتراف المتزايد، خاصة في الدول المتقدمة، بأهمية دور المنظمات غير الحكومية وضرورة إشراكها في مناقشة السياسات والعمل البيئي. ففي كندا، مثلاً، أنشئت طاولات مستديرة تضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لمناقشة القضايا البيئية على المستوى القومي، أو المحلي.

وفي العالم العربي، شهدت السنوات الأخيرة زيادة في عدد الجمعيات الأهلية التي تهتم بشؤون البيئة، إما مباشرة وإما من خلال علاقة البيئة باهتماماتها الأساسية. ولكن معظم هذه الجمعيات يواجه مشاكل كثيرة. فبجانب بعض القيود التشريعية والنقص في الموارد المالية، هناك مشاكل إدارة الجمعيات وعدم وضوح مفهوم العمل التطوعي. فالتطوع يمتد في مفهومه إلى أبعد بكثير من مجرد العضوية في الجمعيات الأهلية. ولكن تبني هذا المفهوم يحتاج إلى قدرات إدارية وتنظيمية، كما يحتاج إلى تضافر وتعاون بين الجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام، وهو أمر غير موجود تقريباً في العالم العربي. وبالرغم من كل هذا، ساهمت الجمعيات، بما تعقده من ندوات ودورات تدريبية متواضعة، في نشر الوعي بقضايا البيئة، ولكنها لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها الرئيسية، وهي إحداث تغيرات ملموسة في سلوكيات الأفراد، وتشجيع العمل التطوعي والمشاركة الشعبية الفعالة للتعامل مع المشاكل البيئية المختلفة، والتأثير فعلياً في السياسات البيئية الوطنية.

وتعتمد أعداد كبيرة من الجمعيات الأهلية على الدولة في توفير حد أدنى من الموارد يسمح لها بالاستمرار. وبهذا تفقد الجمعيات أصلاً صفة العمل الأهلي، وتصبح خاضعة بشكل أو بآخر للضغوط الحكومية. وهناك جمعيات أخرى تعتمد على التمويل من الدول المانحة للمعونات، أو من المشاريع التي تمولها المنظمات الدولية. ولقد أدى هذا الى حيود جمعيات كثيرة عن أهدافها الأصلية، بعد تحولها الى ما يشبه «المكاتب الاستشارية»، تتصارع في ما بينها للحصول على المزيد من المشاريع من هذه الدول والمنظمات. ولقد كان لذلك آثار سلبية كثيرة على مسيرة العمل البيئي.


 
 
 
العودة
نشاطات مدرسية
إختبر معلوماتك
مسرحيات
و أغاني
افلام
وثائقية
بوستر
للطباعة
إختبارات بيئية
         
  © Albiaa 2012 By Activeweb ME