من هم اللاجئون البيئيون؟
|
|
عصام الحناوي /
|
|
|
اللاجئون البيئيون هم هؤلاء الناس الذين اضطروا لترك محال إقامتهم الأصلية، موقتاً أو بصفة دائمة، نتيجة تدهور بيئي شديد هدد بقاءهم، أو كان له أثر كبير على نوعية حياتهم. ويقصد بالتدهور البيئي الشديد هنا أي تغيرات طبيعية أو كيميائية أو بيولوجية حدثت بشكل عادي أو فجائي، وأدت إلى تعطيل وظائف النظم البيئية، لدرجة أنها أصبحت غير قادرة على دعم حياة الإنسان.
هناك ثلاثة أنواع من اللاجئين البيئيين. أولاً، هؤلاء الذين يتم تهجيرهم، موقتاً من منطقة ما بسبب أحداث بيئية طارئة، مثل وقوع كارثة بيئية، كالزلازل أو العواصف أو الفيضانات أو الحوادث الصناعية. وهؤلاء يعودون إلى مواطنهم الأصلية بعد انتهاء الحدث وإعادة تأهيل المنطقة.
أما النوع الثاني، فيضم هؤلاء الذين يتم نقلهم من مواطنهم الأصلية بصفة دائمة وتسكينهم في مناطق أخرى بديلة. وهذا يحدث عند تشييد سد من السدود، وما يصاحبه من بحيرة اصطناعية، فيتم نقل قرى بكاملها من المناطق التي قد تتأثر بالمشروع إلى مواقع جديدة.
والنوع الثالث من اللاجئين البيئيين هم هؤلاء الذين يتركون مواطنهم الأصلية، بصفة موقتة أو دائمة، إلى مناطق أخرى، داخل البلد نفسه أو خارجه، بحثاً عن نوعية أفضل من الحياة. والسبب الرئيسي لهجرة هؤلاء هو أن الموارد الطبيعية في مواطنهم الأصلية تدهورت لدرجة أنها لم تعد تفي بمتطلباتهم الأساسية. فعلى سبيل المثال، هناك المزارعون الذين تدهورت أراضيهم نتيجة ازدياد الملوحة أو التشبع بالمياه، ولا يستطيعون الإنفاق على إصلاحها. فهؤلاء يبيعون أراضيهم، أحياناً بأسعار زهيدة، ويرحلون إلى أماكن أخرى. كذلك هناك الذين يبيعون أراضيهم بسبب موجات الجفاف المتكررة، ويهاجرون إلى المدن أو مناطق أخرى لعمل أكثر ربحية.
ولقد اختلفت تقديرات أعداد اللاجئين البيئيين في العالم من 10 ملايين إلى 25 مليوناً. ويرجع هذا إلى أنه لا تتوافر إحصاءات عنهم، سواء في الدول أو لدى المنظمات الإقليمية أو الدولية. فالمنظمات المختلفة المسؤولة عن إدارة شؤون اللاجئين يقتصر عملها على اللاجئين بفعل النزاعات العسكرية والسياسية فقط. كذلك هناك قصور في إحصاء أعداد الذين يتم نقلهم موقتاً نتيجة الكوارث الطبيعية والحوادث الصناعية، والذين تختلف أعدادهم من عام إلى آخر، طبقاً لمعدل وقوع هذه الحوادث وأنواعها وآثارها. وتوضح بعض الدراسات انه إذا حدث تغير في المناخ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، فان عدد اللاجئين البيئيين في العالم سوف يصل إلى أكثر من 150 مليوناً بحلول سنة 2050.
ويدور الآن نقاش حول الأوضاع القانونية للاجئين البيئيين، اذ ان هذه القضية تثير المخاوف، خاصة من النواحي الأمنية. فالتدهور البيئي المتزايد يؤدي الى المزيد من اللاجئين، وهؤلاء غالباً من الفقراء، وهم بذلك قد يثيرون القلاقل أو يشكلون أرضاً خصبة للعديد من الأعمال غير المشروعة. كل هذا يعيدنا إلى مفهوم الأمن اليوم، الذي تغير بدرجة كبيرة عن مفهوم الأمس.
|
|
|
|
|
|