تنزيل كامل الفصل
 
نصوص بيئية نموذجية
المهنة البيئية
 
مصطفى كمال طلبه /
 

كانت البيئة دائماً موضع اهتمام الناس. وقد تطورت تصوراتهم للقضايا البيئية ومواقفهم منها عبر القرون. ففي أوائل القرن العشرين كانت حماية البيئة مرادفاً لصيانة الحياة البرية، واعتبرت مجالاً لفئة قليلة من المتميزين. لكنها منذ الستينات أصبحت حركة تتمتع بتأييد شعبي عريض واهتمام واسع. وأدى الضغط الشعبي المتنامي، الذي حركته نتائج البحوث والدراسات العلمية المعلنة في أواخر الستينات وأوائل السبعينات عن الآثار الضارة المترتبة على الملوثات المختلفة والتدهور البيئي، إلى دفع رجال السياسة الى اتخاذ الاجراءات الضرورية لمواجهة الموقف. وتركز الحديث في تلك الحقبة على تلوث الهواء والمياه في الدول الصناعية.

وكان مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية، الذي عقد في استوكهولم عام 1972، نقطة تحول في تاريخ الوعي البيئي.

لكن المناقشات التي دارت في أوائل السبعينات حول قضية البيئة، في إطار الإعداد لمؤتمر استوكهولم، أوضحت أن التدهور البيئي ليس ناجماً عن التصنيع فحسب، بل أيضاً عن الفقر والافتقار الى التنمية. وأصبحت الحركة البيئية منذ ذلك الحين مهتمة بجوانب البيئة الطبيعية كافة: الأرض، والمياه، والمعادن، وجميع الكائنات الحية، وعمليات الحياة، والغلاف الجوي، والمناخ، والأنهار، والبحار الجليدية القطبية، والأعماق السحيقة للمحيطات، وحتى الفضاء الخارجي. وعلاوة على ذلك، تحولت الحركة البيئية من التركيز على البيئة الطبيعية ذاتها الى التركيز على علاقاتها بنشاط البشر ورفاههم وبأسس التعاون الاقتصادي الدولي. وشمل ذلك قضايا الديون وأسعار السلع الأساسية وإجراءات الإصلاح الاقتصادي والإعلانات وما الى ذلك.

ولم تترسخ النزعة البيئية فحسب في العقدين الماضيين، بل إنها غيرت ملامحها لتلائم متطلبات العصر. وحصل تبدل في نمط تحليل الكلفة والعائد، فبات يشمل الكلفة البيئية والاجتماعية، وتقييم التأثيرات البيئية، والمحاسبة البيئية، وتحليل المخاطر، والاستقصاءات العامة، والتدابير التشريعية الجديدة على المستويين الوطني والدولي، ونشاط المنظمات غير الحكومية. وأدى كل ذلك الى أخذ البيئة في الاعتبار بجدية لدى وضع سياسات التنمية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
وشهدت السنوات الأخيرة تطور مرحلة جديدة من مراحل الحركة البيئية. وهي تتميز بالاهتمام الواضح والتنظيم على الصعيد الدولي، في ما يتعلق ببعض المشاكل الهامة والمعقدة المنتشرة في دول كثيرة أو في العالم أجمع. ومن الأمثلة على ذلك الأمطار الحمضية، والنفايات الخطرة، وتغير المناخ، وارتفاع درجة الحرارة في العالم، وخسارة التنوع البيولوجي، واستنزاف طبقة الأوزون، والتلوث البحري، وتعرية الغابات، والتصحر.

إن أي تدابير فعالة لمواجهة تلك القضايا تتطلب مجموعة كبيرة من المهارات. فلا بد من توافر معرفة أكاديمية واسعة وقدرة ومهارة سياسية للتعامل مع الحكومات والصناعات وجماعات المصالح الخاصة والمنظمات غير الحكومية والأفراد. ولا بد من توافر القدرة على الاتصال بوسائل الإعلام وعلى رصد المشاكل الجديدة ومواجهتها قبل أن تستفحل.

في ضوء ذلك، أصبحت هذه المجموعة الكبيرة من المهارات هي الملامح الرئيسية للمهنة البيئية الناشئة.

 


 
 
 
العودة
نشاطات مدرسية
إختبر معلوماتك
مسرحيات
و أغاني
افلام
وثائقية
بوستر
للطباعة
إختبارات بيئية
         
  © Albiaa 2012 By Activeweb ME