تنزيل كامل الفصل
 
13
فصول الدليل : الاستهلاك المستدام و البصمة البيئية
 
نشاطات تطبيقيّة | اختبر معلوماتك | سلوكيات شخصية مسؤولة | حقائق وأرقام | نشاطات مدرسيّة نموذجيّة | معلومات عامة | مقدمة
 

 يقبل الناس على شراء المأكولات والملابس والسيارات والأجهزة الإلكترونية والكهربائية وغيرها، التي تتسابق المصانع على توفيرها بأسعار تنافسية، فيستهلكونها أو يتخلّون عنها سريعاً، من دون أن يدروا بالأضرار التي تعرضت لها النظم الإيكولوجية أثناء إنتاجها وتصنيعها. فالمستهلكون غالباً لا يعرفون «البصمة البيئية» الكاملة للمنتجات التي يشترونها، مثل المياه التي استهلكت لإنتاج قميص أو شريحة لحم، والمبيدات التي يتعرض لها المزارعون والتي تلوث التربة والمياه والهواء، والدمار المحلي الذي تحدثه شركات الأخشاب التي تقطع أشجار الغابات لإنتاج الورق، والتلوث الذي تسببه المصانع.

 

أنماط الاستهلاك ليست مستدامة في معظم الدول، حيث تعتمد المنتجات والخدمات على الكثير من الموارد الطبيعية وتنجم عن استهلاكها كميات كبيرة من الملوثات. على سبيل المثال، يتم الاعتماد على الوقود الأحفوري غير المتجدد لتلبية معظم احتياجات النقل، هكذا يتم استنفاد احتياطات النفط والغاز الطبيعي والفحم، وتنبعث الملوثات وغازات الدفيئة في الجو مع حرق الوقود، خصوصاً غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتسبب في الاحتباس الحراري وتغير المناخ. ويترافق المزيد من الاستهلاك مع المزيد من التلوث.

 

وفي الدول النامية، خصوصاً الفقيرة، قد يستنزف المواطنون مواردهم الطبيعية لتلبية احتياجاتهم المعيشية الأساسية. على سبيل المثال، تتطلب «زراعة الكفاف»، أي التي توفر فقط قوت المزارعين، قطع الأشجار من أجل زرع الأراضي. وهذا من الأسباب الرئيسية لإزالة الغابات، ويؤدي إلى أضرار بيئية مثل تآكل التربة والتصحر وارتفاع مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لأن أشجار الغابات تمتص هذا الغاز وتنتج الأوكسيجين.

 

وقد أدى الاستهلاك المتزايد للأسماك إلى استنزاف كثير من المصائد الطبيعية في العالم. وفي الوقت ذاته، ازداد إنتاج الأسماك في مزارع الأحياء المائية نحو 10 أضعاف منذ العام 1984، ويأتي نحو نصف كمية الأسماك التي يأكلها البشر حالياً من هذه المزارع. لكن التوسع الكبير لمزارع الأحياء المائية يثير مخاوف حول تدهور الموائل البرية والبحرية والتلوث وانتشار الأمراض بين تجمعات الأسماك المزدحمة التي تتم تربيتها في ظروف الاستزراع السمكي المكثف.

 

وارتفع الإنتاج العالمي للحوم المواشي والدواجن أكثر من أربعة أضعاف خلال نصف القرن الأخير، وبلغ 323 مليون طن عام 2017، بحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة. ويأكل سكان البلدان الصناعية والغنية كميات من اللحوم تزيد على ضعفي ما يأكله سكان بلدان أخرى على صعيد الفرد. ويستهلك إنتاج اللحم البقري كمية من المياه تزيد كثيراً على ما يستهلكه إنتاج أنواع أخرى من اللحوم، فإنتاج كيلوغرام واحد منه يتطلب نحو 15 ألف ليتر. ويفرض النمو المطرد لإنتاج اللحوم واستهلاكها على المستوى العالمي تكاليف بيئية وصحية كبيرة، نظراً لاعتماده الواسع النطاق على المراعي والمياه والحبوب العلفية والمضادات الحيوية والهورمونات. ويقدر أن 80% من الأراضي الزراعية في العالم تستخدم لإنتاج الأعلاف، مع أن المواشي تؤمن 20% فقط من الوحدات الحرارية (كالوري) لسكان العالم.

 

وفيما ارتفع إنتاج الغذاء واستهلاكه بشكل كبير، هناك مخاوف بشأن ظروف العمال واستخدام المواد الكيميائية الزراعية وزوال الغابات وتأثيرات ذلك على التنوع البيولوجي. ويرزح ملايين المزارعين الصغار في أنحاء العالم تحت رحمة تحديات قاهرة، من تقلب الأسعار إلى دعم الأسعار غير العادل الذي تقدمه بلدان غنية لمزارعيها. وهناك محاصيل كثيفة الاستهلاك للمبيدات، مثل القطن، ومن تداعيات ذلك نشوء آفات مقاومة للمبيدات، ومشاكل صحية، وتلوث المياه السطحية والجوفية. وللقطن «بصمة مائية» كبيرة، إذ إن إنتاج سروال جينز على سبيل المثال يستهلك نحو 11 ألف ليتر من المياه.

 

وغالباً ما تُرمى المنتجات الورقية بعد شرائها بقليل، ويعاد تدوير نسبة ضئيلة منها، مع أن التدوير يحافظ على الأشجار والطاقة والمياه. ويُستخدم أكثر من نصف مجموع الورق المنتج لأغراض التغليف والتوضيب. ويتنامى استهلاك الورق بشكل ملحوظ في العالم، لكن الاستهلاك الفردي لسكان البلدان العربية الغنية يزيد كثيراً على استهلاك معظم البلدان الأخرى، بحسب تقرير معهد «وورلد واتش» الأميركي للأبحاث البيئية.

وواصل الإنتاج العالمي من البلاستيك ارتفاعه منذ بدء إنتاجه تجارياً في خمسينات القرن العشرين، وتم إنتاج نحو 350 مليون طن منه عام 2018. لكن معدلات التدوير بقيت منخفضة، لا تتجاوز 9 في المئة عالمياً. وتنتهي غالبية المنتجات البلاستيكية في المطامر والمحيطات بملايين الأطنان، حيث تبقى مئات السنين، ملوثة النظم الإيكولوجية وموقعة الأحياء البحرية في شراكها ومفسدة نوعية حياة المجتمعات. وينتشر البلاستيك في كل مكان وقطاع، من النقل والعمارة الى الرعاية الصحية والأغذية والمياه المعبأة والمرطبات والسلع الاستهلاكية. وكما في حال الورق، يستأثر التوضيب والتغليف بحصة ضخمة من استهلاك البلاستيك.

 

ويتجاوز أسطول السيارات في العالم حالياً البليون سيارة، تساهم في تلوث الهواء وإطلاق انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المسببة للاحتباس الحراري.

 

تكمن النزعة الاستهلاكية المنفلتة في صلب كثير من هذه التحديات. لذا تلعب خيارات الاستهلاك دوراً حاسماً. وبالنسبة إلى هذه المواد والسلع وغيرها، لا بد من تخفيض الاستعمال القصير الأجل وغير الضروري، وإيجاد بدائل أكثر رفقاً بالبيئة. ولئن تكن توعية المستهلكين عاملاً مهماً، لكن يجب إجراء تغييرات كثيرة قبل أن تجد المنتجات البديلة طريقها الى رفوف المتاجر، وهذا يتطلب عملاً تقوم به الحكومات.

يدعو الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة إلى تنفيذ برامج الاستهلاك والإنتاج المستدامين في جميع البلدان، وتحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الكفوء للموارد الطبيعية بحلول سنة 2030. (راجع أهداف التنمية المستدامة في الفصل 11). وتستهدف أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة «إنتاج المزيد بشكل أفضل وبكلفة أقل». هكذا تزداد المكاسب الاجتماعية الناشئة عن الأنشطة الاقتصادية عن طريق تخفيض استعمال الموارد وتقليل تدهورها والتلوث الناشئ عنها. ويدخل فيها جميع المعنيين: المنتجون، والمستهلكون، وواضعو السياسات، والباحثون، والعلماء، والتجار، ووسائل الإعلام، ووكالات التعاون الإنمائي. وتشمل إشراك المستهلكين من خلال التوعية والتثقيف بأنماط الاستهلاك والحياة المستدامة، وتزويدهم بالمعلومات من خلال المعايير والملصقات التعريفية، وانخراط القطاع العام في المشتريات المستدامة.

 

الاستهلاك في البلدان العربية

 

خلال العقود الثلاثة الماضية، ازداد الطلب على المياه والطاقة في البلدان العربية عموماً بشكل كـبير، نتيجة لازدياد النمـو السكـاني والحضري، وتحسن المستوى المعيشي، وتغيرات في أنماط الحياة، والتنمية الصناعية، والجهود الآيلة إلى زيادة الاكتفـاء الذاتي الغـذائي. وبما أن غالبية البلدان العربية هي من الأكثر تحضّراً في العالم، أي في التحول إلى العيش في المدن، فإن التحضّر هو دافع قـوي آخر للطلب على الطاقة والمياه والغذاء بسبب التغيرات في أنماط الحياة والسلوكيات الاستهلاكية.

وقد أصدر المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) تقريراً بعنوان “الاستهلاك المستدام” يلقي الضوء على أنماط الاستهلاك في البلدان العربية ويقترح تدابير ملائمة لإصلاحها. ومن هذه التدابير توفير حوافز لتبديل العادات الاستهلاكية، وتغيير العادات الغذائية مثل أكل السمك والحبوب بدل اللحم الأحمر، ورفع الدعم تدريجياً عن أسعار الكهرباء والوقود والمياه، واعتماد تشريعات واستثمارات وحوافز لأنماط مستدامة في الاستهلاك والإنتاج.

 
نشاطات مدرسية
إختبر معلوماتك
مسرحيات
و أغاني
افلام
وثائقية
بوستر
للطباعة
إختبارات بيئية
         
  © Albiaa 2012 By Activeweb ME