التنمية المستدامة هي التسمية التي باتت تطلَق على دمج الاعتبارات البيئية بالتخطيط التنموي. ولها أبعاد ثلاثة: النموّ الاقتصادي، والتطوّر الاجتماعي، وحماية البيئة.
لم يظهر مفهوم التنمية المستدامة بين ليلة وضحاها، بل هو قائم على مقولات أخذت طريقها إلى التداول منذ نحو أربعة عقود. ففي مطلع السبعينات من القرن العشرين، نشَر نادي روما تقريره الشهير تحت عنوان «حدود النموّ»، محذّراً من الأخطار التي تواجِه قدرة هذا الكوكب على تلبية احتياجات سكانه ومساندة نشاطاتهم الصناعية والزراعية، ومنبّهاً إلى أن ما شُبِّه لسكان الأرض على أنه موارد لا حصر لها هو، في الواقع، محدود على نحو مخيف.
وعَقَدت الأُمم المتحدة عام 1972 مؤتمراً في استوكهولم حول البيئة البشرية، أجمعت خلاله حكومات العالم على الحاجة الملحّة إلى مجابهة مشكلة التدهور البيئي. وأوضح ذلك المؤتمر طبيعة العلاقة بين التنمية والبيئة، واقترح مقاربة من شأنها لفت الأنظار إلى العوامل الاجتماعية ـ الاقتصادية الكامنة وراء الكثير من المشاكل البيئية، بغية معالجة النتائج عبر التصدّي لأسبابها. عرَّف مؤتمر استوكهولم البيئة على أنها المخزون الحيوي للموارد الطبيعية والاجتماعية المتوافر في وقت معيَّن لسدّ الحاجات البشرية، وعرَّف التنمية على أنها العملية التي تُستعمل فيها هذه الموارد للحفاظ على رفاه الانسان وتعزيزه. هكذا بدا جلياً التكامل بين أهداف البيئة وأهداف التنمية.
هذا الادراك المستجدّ كان حافزاً على السعي إلى مفهوم جديد للتنمية، يأخذ في الحسبان محدودية الموارد الطبيعية بحيث تؤدي فيه الاعتبارات البيئية دوراً محورياً، ولا يحول اعتماده دون ممارسة النشاطات الانسانية الحيوية. وهذا يعني ضرورة إبدال الأنماط الراهنة للانتاج والاستهلاك، القائمة على الاسراف والإهمال ومراكمة النفايات، بأنماط سليمة تراعي الحكمة في استهلاك الموارد وإعادة الاستعمال.
وأجمع قادة العالم خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية (قمة الأرض)، التي عقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992، على أن ثمّة شرطين جوهريين للتنمية المستدامة، هما: حماية البيئة، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأعقب لقاء الريو عدد من المؤتمرات الدولية الرئيسية، تم خلالها رسم معالم رؤية شاملة لمستقبل الجنس البشري. وفي مؤتمر قمة الألفية عام 2000، الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تم تبني «الأهداف الإنمائية للألفية»، وهي ثمانية، علماً أن سابع هذه الأهداف ينصّ على «تأمين الاستدامة البيئية» عبر دمج البيئة بالخطط التنموية على كل الأصعدة. وقد شاركت الدول العربية في تبنّي هذا الاعلان، فباتت بالتالي مسؤولة خُلقيّاً عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، على رغم التحديات الكبرى التي تواجه تحقيق ذلك، ومنها محو الفقر، وتغيير أنماط الاستهلاك والانتاج، وحماية مصادر الطاقة وإدارتها، وتشجيع المشاركة العامة، والدعم الفعال في مجالات التعليم والبحث العلمي وإتاحة المعلومات. وبلغت تلك المؤتمرات ذروتها في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة الذي عقد في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا عام 2002.
تحديات البيئة العربية
تتلخص المشا كل البيئية ذات الأولوية التي تواجه العالم العربي حالياً بمحدودية الأراضي الصالحة للاستخدام وتدهور نوعيتها، ومحدودية موارد المياه العذبة، والاستهلاك غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية، وتوسع الرقعة الحضرية وما يترتب عليها من مشاكل، وتدهور المناطق البحرية والساحلية والرطبة. والواقع اليوم أن الأرقام المتعلقة بالوضع البيئي في البلدان العربية مثيرة للقلق، إذ تبدو فيها هذه على مستوى أدنى كثيراً من المعدل بالنسبة إلى أمور مثل نوعية الهواء والماء والامكانات الاجتماعية والمؤسساتية والمشاركة الفاعلة في الجهود الدولية.
ما زال معدل النمو السكاني في البلدان العربية من أعلى المعدلات في العالم، على رغم الجهود التي تبذلها الحكومات العربية في مجال تنظيم الأسرة. وبعدما كان عدد سكان العالم العربي 77 مليوناً عام 1950، صار 385 مليوناً عام 2010، ويُتوقّع أن يبلغ 466 مليوناً سنة 2025. هذا الازدياد الهائل يرخي أعباء ثقيلة على الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية، ويرفع الحاجة الى الوظائف مع ازدياد دخول الشباب سوق العمل، كما يوهن الآمال المتعلقة بنمو اقتصادي ثابت.
من الملاحَظ أيضاً أن انتقال الناس الى المدن ينتشر بسرعة في العالم العربي. وتورِد شعبة الأمم المتحدة للسكان أن معدل النمو الحضري في العالم العربي يتجاوز بنسبة واحد في المئة ما هو عليه في بقية أنحاء العالم. وترتفع هذه النسبة حتى 4 في المئة سنوياً في بعض أفقر البلدان العربية، مثل جزر القمر وموريتانيا والصومال، الأمر الذي يرتِّب أعباء مائيّة وصحية كبيرة. القاهرة مثلاً، وهي أكبر مدينة عربية بعدد سكانها الذي يتجاوز 12 مليون نسمة (16 مليوناً نهاراً)، تعاني مشاكل حادة في نوعيّة الهواء والصحة العامة. والدار البيضاء، التي تؤوي 3.3 مليون نسمة، يقتصر اعتمادها الطرق السليمة لمعالجة النفايات كالطمر والحرق المنظم على 10 في المئة فقط من نفاياتها المنزلية، فيما تفتقر صنعاء (1.2 مليون نسمة) كلياً إلى هذه الطرق. وتراوح نسبة النفايات المنزلية التي تتم معالجتها من 3 في المئة في دمشق إلى 83 في المئة في تونس. من ناحية أخرى، وعلى رغم احتواء العالم العربي نحو 5 في المئة من سكان العالم فوق مساحة تبلغ 10 في المئة من مساحة الكرة الأرضية، إلا أن مصادر المياه النقية فيه لا تتجاوز 1 في المئة من إجمالي المصادر العالمية.
في العام 2005، تفاوت مستوى الحضرنة (أي سكنى المناطق الحضرية) بين 27% في حدّه الأدنى في اليمن و98% في حدّه الأقصى في الكويت. وبصورة عامّة، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي أعلى مستويات الحضرنة بين البلدان العربيّة. أمّا معدّل السكّان العرب في المدن فقد ارتفع من نحو 52% عام 1975 إلى 66.5% عام 2004، ومن المتوقّع أن يبلغ 71% بحلول 2015. ولا بدّ من الإشارة في هذا الإطار إلى أنّ للنموّ الحضريّ عدداً من التأثيرات الإيجابيّة على البيئة ورفاهيّة الانسان، فكلما ازدادت الكثافة السكّانيّة قلّت التكاليف للفرد الواحد في مجال تأمين الطاقة والرعاية الصحّية والبنية التحتيّة والخدمات. كما أنّ الحضرنة ارتبطت تاريخياً بتراجع معدّل الولادات، الذي يخفّف بدوره من الضغط السكّاني على الموارد الأرضية والطبيعيّة.
لكن على رغم هذه التأثيرات الإيجابيّة تبقى جميع المدن الكبرى في المنطقة عرضةً للمزيد من المشاكل البيئية، ومن أهمّها تزايد الأمراض المنتقلة عبر المياه نتيجة سوء الصرف الصحّي، وتلوث المياه الجوفية بسبب العجز عن إدارة الكمّيات المتزايدة من النفايات الصلبة، بالإضافة إلى تراجع نوعية الهواء بسبب التلوث الناتج من زحمة المرور الخانقة، فضلاً عن القضاء على الحياة النباتيّة بسبب تحويل الأراضي الزراعيّة والغابات إلى مناطق سكنية، والقضاء على الأنظمة البيئيّة الساحلية الحسّاسة كمستنقعات المنغروف والشعاب المرجانية والشواطىء بسبب التنمية السياحيّة، كما هي الحال في البحر الأحمر وخليج العقبة وفي مناطق ساحليّة كثيرة من دول مجلس التعاون الخليجيّ.
جهود مطلوبة
لا توضح المعلومات المتوافرة حالياً المدى الذي بلغته البلدان العربية في التعويل على الاقتصاد البيئي والحسابات البيئية في عملية التخطيط التنموي، وإن تكن اليوم تعمل على دعم القضايا البيئية وإعداد خطط العمل البيئي. إلا أن قلّة الحزم في وضع التشريعات موضع التنفيذ تقف عائقاً رئيسياً أمام تحسين وضع البيئة في المنطقة.
حققت البلدان العربية تقدماً ملحوظاً في التصدي لتحديات الاستدامة البيئية. إلا أن تحقيق هذه الاستدامة يتطلب مقداراً أكبر من الجهود الملموسة لصَوْن الموارد الطبيعية وحمايتها، خصوصاً الطاقة والماء والتربة، بغية تحسين طرائق استخدام الموارد غير القابلة للتجدد، مثل النفط والغاز ومعظم المياه الجوفية، وتصحيح إخفاقات السوق عبر إدراج البيئة في جداول الحسابات الوطنية.
ومن ضمن الخطوات العملية المطلوبة تأتي الحاجة الملحّة الى التصدي بجدية لمسألة المعلومات البيئية الموثوقة. وهذه غير متوافرة الا نادراً في العالم العربي. ومن أجل تأمين الصدقية في البيانات البيئية، تحتاج الدول العربية الى الاستثمار المالي والتقني والبشري في مجال جمع المعلومات، وإلى إقامة شبكات مراقبة بيئية تعمل على جمع المعلومات الشاملة باتباع قياسات منهجية، واعتماد المعايير العالمية بالنسبة الى ضمان نوعية البيانات واستمرارها. كما يحتاج العالم العربي الى التفاعل مع تحديات العولمة والافادة من الفرص التي تتيحها.
بالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع أي دولة عربية تحقيق الاستدامة البيئية، الناجمة عن دمج الاعتبارات البيئية في التخطيط التنموي، ما لم تحقِّق الشروط الآتية: تقييم موارد البلد البشرية والمالية كأساس لتقييم الخيارات المتاحة أمامه، وانتقال صانعي القرار من السياسات العلاجية الى السياسات الوقائية عبر اعتماد الرزمة الكاملة من التقييمات البيئية وتقييم آثار المشاريع، واستخدام الوسائل الحديثة في الاقتصاد البيئي التي تشمل: تحليل التكاليف والأرباح، دراسة عنصر المخاطرة، الحسابات البيئية، بالإضافة إلى تحقيق عدد من النقلات النوعية، ومنها: الانتقال الى طور يتم فيه انتاج الطاقة واستهلاكها بكفاءة عالية بعيداً عن إلحاق الأذى بالبيئة، والانتقال الى طور من الاستقرار في عدد السكان، والانتقال الى مرحلة تعتمد على الاستثمار في دخل الموارد الطبيعية بدلاً من استنزاف رأسمالها.
early abortion options
read want an abortion
when women cheat
site married woman looking to cheat
my husband cheats
go i think my husband cheated
my husband cheats
read i cheated on my husband now what
i had a dream i cheated on my boyfriend
blog.gobiztech.com should i tell my boyfriend i cheated on him
unfaithful husbands
link beautiful women cheat
reasons why husband cheat
open wife cheaters
how to cheat husband
go why women cheat on their husbands
wife cheat story
site married woman looking to cheat
online affair
yodotnet.com my boyfriend cheated on me quotes
reasons why married men cheat
open when a husband cheats